سورة الأعراف - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعراف)


        


{والذين تَدْعُونَ مِن دُونِهِ} من دون الله {لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الهدى لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ} يشبهون الناظرين إليك لأنهم صوروا أصنامهم بصورة من قلب حدقته إلى الشيء ينظر إليه {وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} المرئي.
{خُذِ العفو} هو ضد الجهد أي ما عفا لك من أخلاق الناس وأفعالهم ولا تطلب منهم الجهد وما يشق عليهم حتى لا ينفروا كقوله عليه السلام: «يسروا ولا تعسروا» {وَأْمُرْ بالعرف} بالمعروف والجميل من الأفعال، أو هو كل خصلة يرتضيها العقل ويقبلها الشرع {وَأَعْرِض عَنِ الجاهلين} ولا تكافيء السفهاء بمثل سفههم ولا تمارهم واحلم عليهم، وفسرها جبريل عليه السلام بقوله: صل من قطعك وأعط من حرمك واعف عمن ظلمك. وعن الصادق أمر الله نبيه عليه السلام بمكارم الأخلاق، وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها {وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان نَزْغٌ} وإما ينخسنك منه نخس أي بأن يحملك بوسوسته على خلاف ما أمرت به {فاستعذ بالله} ولا تطعه. والنزغ: والنخس كأنه ينخس الناس حين يغريهم على المعاصي. وجعل النزع نازغاً كما قيل جد جده، أو أريد بنزغ الشيطان اعتراء الغضب كقول أبي بكر رضي الله عنه: إن لي شيطاناً يعتريني {إنّه سميعٌ} لنزغه {عَلِيمٌ} بدفعه {إِنَّ الذين اتقوا إِذَا مَسَّهُمْ طَئِفٌ مّنَ الشيطان} {طيف} مكي وبصري وعليّ أي لمة منه مصدر من قولهم (طاف به الخيال يطيف طيفاً). وعن أبي عمرو: هما واحد وهي الوسوسة. وهذا تأكيد لما تقدم من وجوب الاستعاذة بالله عند نزغ الشيطان، وأن عادة المتقين إذا أصابهم أدنى نزغ من الشيطان وإلمام بوسوسته {تَذَكَّرُواْ} ما أمر الله به ونهى عنه {فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} فأبصروا السداد ودفعوا وسوسته. وحقيقته أن يفروا منه إلى الله فيزدادوا بصيرة من الله بالله {وإخوانهم} وأما إخوان الشياطين من شياطين الإنس فإن الشياطين {يَمُدُّونَهُمْ فِى الغى} أي يكونون مدداً لهم فيه ويعضدونهم {يَمُدُّونَهُمْ} من الإمداد: مدني {ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ} ثم لا يمسكون عن إغوائهم حتى يصروا ولا يرجعوا، وجاز أن يراد بالإخوان الشياطين ويرجع الضمير المتعلق به إلى الجاهلين والأول أوجه، لأن إخوانهم في مقابلة الذين اتقوا. وإنما جمع الضمير في {إخوانهم} والشيطان مفرد لأن المراد به الجنس.
{وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِئَايَةٍ} مقترحة {قَالُواْ لَوْلاَ اجتبيتها} هلا اخترتها أي اختلقتها كما اختلقت ما قبلها {قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَىَّ مِن رَّبّى} ولست بمقترح لها {هذا بَصَائِرُ مِن رَّبّكُمْ} هذا القرآن دلائل تبصركم وجوه الحق {وَهُدًى وَرَحْمَةً لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} به.
{وَإِذَا قُرِئ القرءان فاستمعوا لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ظاهره وجوب الاستماع والإنصات وقت قراءة القرآن في الصلاة وغيرها. وقيل: معناه إذا تلا عليكم الرسول القرآن عند نزوله فاستمعوا له. وجمهور الصحابة رضي الله عنهم على أنه في استماع المؤتم. وقيل: في استماع الخطبة. وقيل: فيهما وهو الأصح {واذكر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ} هو عام في الأذكار من قراءة القرآن والدعاء والتسبيح والتهليل وغير ذلك {تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} متضرعاً وخائفاً {وَدُونَ الجهر مِنَ القول} ومتكلماً كلاماً دون الجهر لأن الإخفاء أدخل في الإخلاص وأقرب إلى حسن التفكر {بالغدو والأصال} لفضل هذين الوقتين. وقيل: المراد إدامة الذكر باستقامة الفكر. ومعنى بالغدو بأوقات الغدو وهي الغدوات، والآصال جمع أصل والأصل جمع أصيل وهو العشي {وَلاَ تَكُنْ مّنَ الغافلين} من الذين يغفلون عن ذكر الله ويلهون عنه {إِنَّ الذين عِندَ رَبّكَ} مكانة ومنزلة لا مكاناً ومنزلاً يعني الملائكة {لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} لا يتعظمون عنها {وَيُسَبّحُونَهُ} وينزهونه عما لا يليق به {وَلَهُ يَسْجُدُونَ} ويختصونه بالعبادة لا يشركون به غيره، والله أعلم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6